حيرة التعليم- تباطؤ الوزارة يُربك التخطيط الدراسي ويُضعف الكفاءة.

المؤلف: عبده خال08.21.2025
حيرة التعليم- تباطؤ الوزارة يُربك التخطيط الدراسي ويُضعف الكفاءة.

طالما تجنبت، بصفتي مربيًا، الخوض في غمار الشؤون التعليمية وما يعتريها من تشابكات ناجمة عن قرارات ارتجالية أو اعتباطية تصل إلى صروح الإدارة التعليمية وتستقر في جنبات المدارس كأوامر واجبة النفاذ. نحن أبناء الميدان، ندرك سلفًا أن هذا القرار لن يرى النور لما يكتنفه من قصور يحول دون تطبيقه. وعلى الرغم من ذلك النأي بالنفس عن هذا الجدل، أجدني منخرطًا فيه قسرًا، سواء بصفتي معلمًا أو كاتبًا صحفيًا. فمن صميم العادات الاجتماعية أن لكل مهنة وشجونًا تطل برأسها ما إن يجتمع أهلها، فتدور رحى الحديث حول سبل تحقيق أهدافها المنشودة، واجتماعات المعلمين ليست بمنأى عن هذا التقليد.

في غمرة ليلة خلت، دار بيني وبين رفيق عزيز (لا يزال منخرطًا في سلك التعليم) حوار ودي استهل بالتحايا والسؤال عن الأحوال، وما لبث أن انفرجت أسارير الحديث لتنكشف عن الشأن التعليمي وقراراته المتضاربة بين إقرار وإلغاء. لم يتمالك زميلي ما يختلج في صدره من هواجس، فأطلق العنان لشكواه. وحتى لا أخرج عن صلب موضوع شكواه، سأعرض حيرة المعلمين إزاء تلكؤ الوزارة في البت بأمر بالغ الأهمية. كانت بداية الشكوى تنم عن استياء دفين، حيث تساءل صديقي: "ما بال الوزارة تتلكأ في حسم مسألة اعتماد نظام الفصلين أو الثلاثة فصول الدراسية؟ هذا التأخير يزرع بذور الارتباك وعدم الاستقرار في أوساط المجتمع التعليمي برمته، بدءًا بالطلاب وأولياء الأمور، مرورًا بالمعلمين والإدارات التعليمية. فعدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب يجعل التخطيط للمناهج والتقويم الدراسي رهنًا بالتخمينات والاجتهادات، مما يضعف من كفاءة التنفيذ. كما أن إدارات المدارس في أمس الحاجة إلى معرفة عدد الفصول الدراسية لتتمكن من تنظيم الجداول الدراسية، والإجازات، وتسيير العملية التعليمية برمتها على الوجه الأمثل. فضلاً عن أنه يتعذر إعداد الجداول والخطط الفصلية بدقة متناهية دون معرفة النظام الدراسي المعتمد".

ناهيك عن الأنظمة الإلكترونية التعليمية التي تتطلب ضبطًا مسبقًا يتناسب مع التقويم الدراسي الجديد.

قبل أن يتنهد وبعده.. كان المأمول من وزارة التعليم أن تتقدم بتوضيح واف وشفاف لأسباب هذا التأخير، إن وجدت، وذلك لقطع دابر التكهنات، وإدارة التوقعات الناجمة عن غياب القرار الرسمي. فغياب القرار يفتح الباب على مصراعيه للاجتهادات الفردية والشائعات المغرضة، ويضع المدارس في حيرة من أمرها، تتخبط في محاولات الاستعداد والتخطيط، وعرض خططها على أولياء الأمور الذين هم الشركاء الفعليون في تحقيق التحصيل الدراسي المنشود.

يا وزارة التعليم: إن البت المبكر والواضح في النظام الدراسي من شأنه أن يعزز الاستقرار والكفاءة ويرتقي بجودة التخطيط.

اختتمت سماعي لشكواه بكلمة واحدة: "معقولة!".

نعم.. هل يعقل هذا يا وزارة التعليم؟ وإن أردت الإسهاب، سأضيف أن تأخر حسم قرار الدراسة بنظام الفصلين أو الثلاثة فصول يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك تباطؤ الوزارة في أمر لا يحتمل هذا القدر من التباطؤ؛ لأن الحسم في هذا الشأن تتوقف عليه خطط جمة تبدأ من الأسرة وتمتد لتتشابك مع سائر مناحي الحياة.

مرة أخرى أتساءل، هل يعقل أنه إلى الآن لم يحسم قرار (الفصلين أو الثلاثة)، على الرغم من أنني منذ البداية قد كتبت معترضًا على قرار الفصول الثلاثة الذي لم يثبت نجاحه على أرض الواقع.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة